حازت موازنة 2020 على كثير من الأخذ والرد، ونالت الجلسة النيابية التي اُقرّت فيها نصيبها من الخلاف السياسي، والدستوري، بين فريق يرى إقرارها ضروريا في الظروف الحاليةالتي يمر بها لبنان، وبين فريق يصرّ على عدم دستورية انعقاد الجلسة النيابية في هذه الظروف السياسية المحيطة بالمجلس والحكومة الجديد، ولكن بعيدا عن هذا الصخب حملت الموازنة مادة فرّجت أسارير بعض المتعثرين في دفع القروض، ولو لوقت قصير.
تضمّنت موازنة 2020 مواد عدّة من المُفترض أن تُحدث تداعيات إيجابيّة، منها المادة التي نحن بصدد الحديث عنها، وهي التي تنصّ على "إعطاء فترة سماح لأصحاب القروض المدعومة فقط 6 أشهر، حيث ستجمّد المصارف الإجراءات الّتي كانت تتّخذها في حال التخلّف عن الدفع، كإلغاء الفائدة المدعومة والملاحقة القانونيّة والغرامات الماليّة".
يشير ف. ع. وهو أحد اللبنانيين الذين يدفعون شهريا مبلغا يقارب المليون و300 ألف ليرة لبنانية لسدّ قرض الإسكان، الى أنه منذ بداية الازمة في نهاية تشرين الأول من العام الماضي، لم يقبض كامل راتبه، وبالتالي لم يدفع للإسكان الدفعة المتوجبة عليه. ويشير عبر "النشرة": "كنت مخيّرا بين أن أدفع القرض أو أن أصرف على الطعام والشراب والحاجات الأساسية، لذلك قرّرت فعل الثانية على أمل العودة للدفع في تشرين الثاني، ولكن هذا لم يحصل بسبب ما نعيشه جميعا".
يؤكد الرجل أنه شعر بنوع من الراحة بعد إقرار هذه المادة بالموازنة، رغم أنها تعني بمكان ما تأجيل المشكلة لا إيجاد الحلول، ولكنها على الأقل تُتيح له ولأمثاله التقاط الأنفاس، ولكن هذه الراحة تلاشت مع تصريحات رئيس المؤسسة العامة للاسكانروني لحود، الذي أشار الى أنهناك مهل للمتعثّرين في القروض السكنية حتى 30 حزيران، والمادة تنطبق على من عليه تعثر، الا انه اذا كان القرض ينتهي في 2022 سيظل سينتهي فينفس العام المذكور.
وقعت هذه العبارة كالصاعقة على رأس اللبنانيين المعنيين بهذه المادة في الموازنة، ولكنها لم تكن الصاعقة الوحيدة، اذ استكملها لحود بأخرى أشد وأقوى، عندما قال "انه بعد الـ6 اشهر المواطن المتعثّر سيدفع دفعة ونصف للقروض السكنيّة اي ان الدفعة ستزيد مستقبلا. وفي هذا السياق يرى الشاب أنه لن يكون باستطاعته تحّمل قيمة دفعة ونصف شهريا حتى ولو حصل على راتبه كاملا، لان راتبه لا يكفي لدفع حوالي مليوني ليرة للمصرف، فهل وُجدت هذه المادة لمساعدة الناس أم كسرهم؟.
يؤكد النائب في لجنة المال والموازنة نقولا نحّاس أن نصّ المادة جاء واضحا لناحية أن المجلس النيابي لا يُلغي الديون ولا يعفي أحدا عن دفعها، ولا علاقة للمادّة بأصل الدين ولا الفوائد عليه، إنما كل ما أرادت فعله هو الوقوف الى جانب المتعثّرين لحمايتهم من الإجراءات العقابيّة المترتّبة على عدم دفع القروض.
ويضيف نحاس عبر "النشرة": "بسبب الوضع الذي يمرّ به البلد، وفقدان الناس لوظائفها، أردنا أن نحميهم من العقوبات ليتمكوا من التنفّس قليلا، إنما نحن لم نتدخل في كيفيّة استكمال الدفعات، وهذا الأمر منوط بالمصرف والعميل، وعلاقتهما سويّة".
إذا، على كل من يريد الاستفادة من هذه المادّة التنبه الى كيفيّة استكمال الدفع، ولذلك عليه أن يزور المصرف ويتّفق معه على إعادة هيكلة الديون، والا سيجد نفسه مضطرّا لدفع ما يزيد عن قيمة القرض الشهريّة بحوالي النصف.